کد مطلب:145548 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:167

خطبته فی أصحابه و جوابهم له
قال السید رحمه الله: فقام الحسین علیه السلام خطیبا فی أصحابه، فحمدالله تعالی و أثنی علیه و ذكر جده فصلی علیه، ثم قال:

انه قد نزل بنا من الأمر ما قد ترون، و ان الدنیا قد تغیرت و تنكرت و أدبر معروفها، و استمرت حدا [1] و لم یبق منها الا صبابة كصبابة الاناء، و خسیس عیش كالمرعی الوبیل.

الا ترون الی الحق لا یعمل به؟ و الی الباطل لا یتناهی عنه؟ لیرغب المؤمن فی لقائه محقا [2] ، فانی لا أری الموت الا سعادة، و الحیاة مع الظالمین الا برما.

فقام زهیر بن القین و قال: قد سمعنا - هداك الله تعالی [3] یابن رسول الله! - مقالتك، و لو كانت الدنیا لنا باقیة، و كنا فیها مخلدین لآثرنا النهوض معك الی الاقامة فیها.

قال: و وثب هلال بن نافع البجلی فقال: و الله؛ ما كرهنا لقاء ربنا، و انا علی


نیاتنا و بصائرنا، نوالی من والاك، و نعادی من عاداك.

قال: و قام بریر بن خضیر فقال: و الله؛ یابن رسول الله! لقد من الله بك علینا أن نقاتل بین یدیك، و تقطع فیك أعضاؤنا، ثم یكون جدك شفیعنا یوم القیامة [4] .

قال فی «البحار» عن «المناقب»: قال له زهیر بن القین: فسر بنا حتی ننزل بكربلاء، فانها علی شاطی الفرات، فنكون هنالك، فان قاتلونا قاتلناهم، و استعنا الله علیهم.

قال: فدمعت عینا [5] الحسین علیه السلام ثم قال:

اللهم انی أعوذ بك من الكرب و البلاء.

و نزل الحسین علیه السلام فی موضعه ذلك، و نزل الحر بن یزید حذاءه فی ألف فارس، و دعا الحسین علیه السلام بدواة و بیاض، و كتب الی أشراف أهل الكوفة كتابا علی نهج ما مر.

ثم قال علیه السلام: اللهم انا عترة نبیك محمد صلی الله علیه و آله و سلم و قد اخرجنا و طردنا و زعجنا عن حرم جدنا، و تعدت بنوامیة علینا، اللهم فخذ لنا بحقنا، و انصرنا علی القوم الظالمین.

قال: فرحل من موضعه حتی نزل فی یوم الأربعاء، أو یوم الخمیس بكربلاء، و ذلك فی الثانی من المحرم سنة احدی و ستین.

ثم أقبل علی أصحابه فقال علیه السلام:

الناس عبید الدنیا، و الدین لعق علی ألسنتهم، یحوطونه ما درت معایشهم،


فاذا محصورا بالبلاء قل الدیانون.

ثم قال علیه السلام: أهذه كربلاء؟

فقالوا: نعم؛ یابن رسول الله!

فقال: هذا موضع كرب و بلاء، هاهنا مناخ [6] ركابنا، و محط رحالنا، و مقتل رجالنا، و مسفك دمائنا [7] .

و روی أبومخنف فی مقتله: باسناده عن الكلبی أنه قال: و ساروا جمیعا الی أن أتو الی أرض كربلاء، و ذلك فی یوم الأربعاء فوقف فرس الحسین علیه السلام من تحته، فنزل عنها و ركب اخری، فلم ینبعث من تحته خطوة واحدة، و لم یزل یركب فرسا بعد فرس حتی ركب سبعة أفراس، و هن علی هذا الحال.

فلما رأی الامام صلوات الله علیه ذلك الأمر الغریب قال: یا قوم! ما یقال لهذا الأرض؟

قالوا: أرض الغاضریة.

قال: فهل لها اسم غیر هذا؟

قالوا: تسمی نینوی.

قال: هل لها اسم غیر هذا؟

قالوا: تسمی بشاطی ء الفرات.

قال: هل لها اسم غیر هذا؟

قالوا: تسمی كربلاء.


قال: فعند ذلك تنفس الصعداء و قال: ارض كرب و بلاء.

ثم قال: قفوا و لا ترحلوا، فهاهنا والله؛ مناخ ركابنا [8] ، و هاهنا و الله؛ سفك دمائنا، و هاهنا و الله، هتك حریمنا، و هاهنا و الله؛ قتل رجالنا، و هاهنا و الله؛ ذبح اطفالنا، و هاهنا تزار قبورنا، و بهذه التربة وعدنی جدی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم، و لا خلف لقوله.

ثم انه نزل عن فرسه [9] .


[1] في اللهوف: جذاء.

[2] في اللهوف: في لقاء ربه، و في البحار: في لقاء ربه حقا حقا.

[3] في اللهوف: هدانا الله بك.

[4] اللهوف: 138 و 139، عنه البحار: 381 / 44.

[5] دمعت العين دمعا: سال دمعها، «منه رحمه الله».

[6] مناخ - بالضم -: برك الابل، «منه رحمه الله».

[7] البحار: 383 - 381 / 44.

[8] ركاب - ككتاب -: الابل التي يسار عليها الواحدة راحلة، «منه رحمه الله».

[9] الدمعة الساكبة: 256 / 4.